الفهم على الظاهر هنا بأن يكون له شكر ولغيره شكر آخر، لأن أحدهم سألني عن هذا يوما. وفرق ثالث بين الشكر والحمد يصبح الحمد فيه هو المستمر بلا انتهاء، ويكون الشكر فيه هو المنتهي، ذلك أن الشكر وقد فهمناه على أنه عمل، سينتهي مع الناس بنهاية الدنيا، حيث لا عمل للناس في الآخرة، ولكن ثواب وعقاب، أما الحمد فهو قول قدسي قيل في الدنيا، ثم عبر حاجز فنائها ليبقى في الآخرة، وليقال من جديد بلا حدود، من أفواه لم تكلح وجوهها بلفحة نار، ولم تشوه بماء كالمهل، وإنما هي وجوه نضرة النعيم، فلم يكن يومها أعظم من كلمة الحمد يثنون بها على المحمود وحده، بما ذكر القرآن عنهم {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} وآخر ثنائهم قولهم: الحمد لله رب العالمين، وفي آية أخرى {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ} مجرد مساس من التعب لا يقع لنا فيها وفي آخر سورة الزمر ينقل القرآن حديثهم {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ} . إلى أن تُختم السورة بقوله سبحانه {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} .