"ثم خص بني إسرائيل بالدعوة تاليا عليهم ما لم يكن يعلمه محمد لولا وحيه تعالى له، فذكرهم بنعمه، وأمرهم أن يؤمنوا بما أنزله على خاتم رسله، ونهاهم أن يكون المعاصرون له منهم أول كافر به، وحاجَّهم في الدين بتذكيرهم بأيام الله، وبأهم الوقائع التي كانت لسلفهم مع كليمه، من كفر وإيمان وطاعة وعصيان ثم بالتذكير لهم وللعرب بهدى جدهم إبراهيم الخليل، وبنائه لبيت الله الحرام، مع ولده إسماعيل، ودعائهما إياه تعالى أن يبعث في الأميين رسولا منهم، وبأن علماءهم يعرفون أن محمدا هو الرسول الذي دعا به إبراهيم وبشر به موسى -كما يعرفون أبناءهم-، وبأن فريقا منهم يكتمون الحق وهم يعلمون، أي والفريق الآخر يؤمنون به، ويعترفون بوعد الله لإبراهيم ثم لموسى بقيام نبي من أبناء إخوتهم مثله".
ويردف الشيخ رشيد قائلا: "بدئ هذا السياق بالآية 40 من السورة؟ {يَا بَنِي إِسْرائيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ ... الخ} وانتهى بالآية 142 منها [22] وتخلله بعض الآيات الموجهة للمؤمنين للاعتبار بما فيه من شئون أهل الكتاب السابقين والحاضرين من اليهود بالتفضيل، ومن النصارى بالإجمال، إذ لم يكن أحد منهم -أي من النصارى- مجاورا ولا مخالطا للمسلمين في تلك الحال، فإن نزول البقرة كان في أول عهد الهجرة، وما تقدم يناهز نصف السورة وهو شطرها الخاص بأمة الدعوة ... "1هـ.
لكن الشيخ محمد عبده -رحمه الله- يضيف لهذا الكلام الجليل إضافات جزيلة الفائدة نلحقها بهذا الكلام إتماما للموضوع في هذا السياق وإجابة على سؤال قد يعرض وهو: لم أعطى الله كل هذا الاهتمام لبني إسرائيل؟! قال الشيخ رشيد: [23] قال شيخنا في سياق درسه ما مثاله:".