وابن مسكويه ذلك المفكر الإسلامي الكبير الذي طرق الدراسات الأخلاقية والنفسية، فذلل متونها، وسبق علماء أوربا، فيما وصل إليه من النظريات النفسية والسلوكية.. هذا كله في الوقت الذي كانت فيه أوربا تعيش في ظلمات الجهل والهمجية، ولم ينقذ أوربا من ورطتها التي كانت واقعة فيها إلا نور الإسلام. وما زالت أسماء العلوم والمصطلحات التي أعطاها العلماء المسلمون لغرائب العلم، ما زالت حية في جميع اللغات رغم ما مر عليها من تحريف وتغيير.. ولقد سجل تاريخ الحضارة الإسلامية بإعزاز. وتقول الكاتبة الألمانية الدكتورة سيجريد هونكه، في كتابها ((شمس الله تشرق على الغرب)) تقول: ((إن هذه الطفرة العلمية الجبارة التي نهض بها أبناء الصحراء من العدم، من أعجب النهضات العلمية الحقيقة في تاريخ العقل البشري، فسيادة أبناء الصحراء التي فرضوها على الشعوب ذات الثقافات القديمة، وحيدة في نوعها، وإن الإنسان ليقف حائرا أمام هذه المعجزة العقلية الجبارة)) ..

وإن من يمعن النظر في أعماق الحضارة الإسلامية، وما حققته للإنسانية من أسباب النمو، وعوامل الازدهار، ويلم بما جاء به الفكر الإسلامي، من مفاهيم تناولت أهم معضلات الحياة. إن من يتعمق في ذلك، يدهشه مدى عمق التفكير الواعي الذي بلغ ذروته علماء الإسلام، وقد يتضاعف إعجاب الباحث، بهذا الفيض الزاخر، من الجهود العلمية التي شرقت بالحضارة وغربت، وملأت الدنيا بإشراقها..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015