ولعل القرآن الكريم يشير إلى ذلك –والله أعلم بمراده- في قوله سبحانه {فَتَعَاطَى فَعَقَرَ} وهو أحد الرأيين في تفسير جزء الآية. يقول الشوكاني رحمه الله: أي تناول الناقة بالعقر فعقرها أو اجترأ على تعاطي أسباب العقر فعقر. 1هـ وهذا الرأي الثاني أقرب والله أعلم إلى نظم الآية، لأن من المعلوم لدى البلاغيين: أنه قد يقصد تعلق الفعل بمفعول غير مذكور، ولابد من تقديره، إن عاما فعام وإن خاصا فخاص. ومثاله قوله تعالى {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ} أي يدعو كل مكلف. وقوله سبحانه {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِه} أي أحدا- ولما كانت أسباب العقر ومقدماته والعوامل المساعدة عليه كثيرة، ناسب أن يحذف المفعول لقصد التعميم مع الاختصار، ويستأنس لهذا الاتجاه في معنى الآية بأن التعاطي هو تناول الشيء بتكلف، والتكلف للشيء هو الاستعداد له ولأخذ بأسبابه مع مجاهدة ومكابدة. وهذا أيضا تصوير لواقع وطبيعة المدمن الذي نفسه ضد طبيعتها الأصلية، ويروضها بوسائل الإفتار والإسكار لتقوم بما ليس من شيمتها أن تقوم به، ومن ثم يأتي المجرم في عاقبة أمره أن يتعرف بما صدر عنه في حالة فقدان الوعي. ولله في خلقه شئون.
خامسا: تعريض الجسم للتهلكة بسرطان الرئة:
لم يعد هناك أدنى شك في أن للتدخين سبب قوي من أسباب الإصابة بسرطان الرئة. هذه نتيجة علمية أسفرت عنها بحوث الهيئات الطبية المتخصصة في جميع أنحاء العالم. وكانت إشارة الخطر الأولى المنذرة بوجود علاقة أكيدة بين السرطان وبين الفحم ومشتقاته –هي شيوع ((سرطان الصفن)) بين كثير من منظفي المناجم، الأمر الذي لفت انتباه السير ((بير سفال بوث)) عام 1775م. وأعقبت ذلك ظاهرة مشابهة لدى عمال المناجم في ساكسونية: حيث فشت الإصابات فيهم نتيجة التأثير نفسه مما جعل الأطباء يهتمون بدراسة المرض ومعرفة أسبابه المباشرة.