ومنه كذلك- تكرار الأمر بالتوجه إلى بيت الله الحرام في ثلاث آيات من سورة البقرة. وهو قوله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [31] .
لأن المنكرين لتحويل القبلة -كما ذكر المفسرون- كانوا ثلاثة أصناف في الناس:
- اليهود.. لأنهم لا يقولون بالنسخ في أصل مذهبهم.
- وأهل النفاق.. وكانوا أشد إنكارا له، لأنه كان أول نسخ نزل.
- وكفار قريش.. الذين قالوا: ندم محمد على فراق ديننا، فيرجع إليه كما رجع إلى قبلتنا، وكانوا قبل ذلك يحتجون عليه فيقولون: بزعم محمد أنه يدعونا إلى ملة إبراهيم وإسماعيل، وقد فارق قبلتهما وآثر عليها قبلة اليهود.
فقال الحق تبارك وتعالى حين أمره بالصلاة إلى الكعبة:
{لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} [32] والاستثناء في هذه الآية منقطع – أي لكن الذين ظلموا منهم لا يرجعون ولا يهتدون وقال جل جلاله: {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} [33] أي الذين أشركوا فلا تمتر في ذلك.
وقال تعالى: {وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [34] أي يكتمون ما علموا أن الكعبة هي قبلة الأنبياء.
ومن هذا التكرار أيضا- قوله عز وجل في سورة الصافات [35] : {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ} .
ثم كرر هاتين الآيتين بعد ذلك في قوله سبحانه [36] :
{وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ} .
قال المفسرون- في غريب القرآن: إنما كرر للتأكيد وتشديد الوعيد.