وقوله {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} آل عمران (85) .. ثم علق رحمه الله على قوله تعالى {وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى..} البقرة (136) فقال: ((لم يبين هنا ما أوتيه موسى وعيسى ولكنه بينه في مواضع أخرى، وذكر أن ما أوتيه موسى هو التوراة المعبر عنها بالصحف في قوله تعالى {صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} الأعلى (19) ، وذلك لقوله {ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَاب} الأنعام (15) –وهو التوراة بالإجماع ((وذكر أن ما أوتيه عيسى هو الإنجيل كما في قوله {وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الإنجيل..} الحديد (27) اهـ، إنها ليد بيضاء للقرآن على ((أهل الكتاب)) وهو يسمي كتبهم، ويعرِّف بها، ويشيد بخصائصها في زمانها، وشهادتها بما أنزل الله من بعد في الكتاب المهيمن والقرآن –ولله ولكتابه المثل الأعلى- هو الشمس التي تشرق بنور ربها، وتعطي الفرصة لغيرها من الأشياء التي تظهر مزاياها وجوانب الحسن فيها، فيكون للشمس ونورها في ذلك الظهور والوضوح أكبر الفضل.
ولقد كان من حق عارفة القرآن، على ((أهل الكتاب)) أن لا يجحدوها طرفة عين.. لكن الطبائع غالية، فمن القوم إن لم نقل أكثرهم من يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض ويأخذون آيات الله هزوا، ويحرفون الكلم عن مواضعه، ويقولون ليس علينا في الأميين سبيل، قال تعالى: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ} البقرة (89) .
هذا إجمال يتبعه تفصيل، وعموم تلقاك على تخصيصه عما قليل، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.