فقد بني على التيسير ورفع الحرج ودفع الضرر. قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} وقال جل شأنه: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْر} والنبي صلى الله عليه وسلم: "يسروا ولا تعسروا".
وقد ثبت من سيرته أنه صلى الله عليه وسلم ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما.
والمتتبع لأحكام الشريعة الإسلامية يجد مظاهر هذا الأصل في شتى نواحيها فقلة التكاليف إلى مراعاة أعذار المعذورين إلى رفع التكليف أو عدم المؤاخذة في حالة الضرورة كل ذلك يدل في وضوح إلى اليسر وعدم الحرج أضف إلى ذلك أن القرآن في جانب تشريع المعاملات لم يعمد إلى التفصيل بل أتى بقواعد عامة صالحة للتطبيق في كل حين _ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} وقال: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا} وقال أيضا: {لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} .
وهو بهذا يرمي إلى تحقيق مصالح الناس على اختلاف الأزمان والبيئات لأنه تشريع للناس كلهم قال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً} . فلو لم يكن محققا لمصالح الجميع لكان نقمة عليهم مع أنه جعله رحمة لهم قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} . وهو بحق يحقق العدل والمساواة بين الناس كلهم لأنه ينظر إلى الناس جميعا نظرة المساواة في الخضوع لأحكامه وفي المؤاخذة على مخالفتها لا فرق بين حاكم ومحكوم ولا بين غني وفقير ولا بين شريف ووضيع ولا بين أبيض وأسود. فلا يعفى شخص من المؤاخذة بماله من جاه وسلطان.