وفعل الخير دعامة من دعائم الحياة الراقية السعيدة، فالناس في هذه الحياة متفاوتون في قدراتهم، متفاوتون في مواهبهم، منهم القوي ومنهم الضعيف، منهم الغني ومنهم الفقير، منهم ذو الجاه والسلطان ومنهم الخِلْوُ منهما، الكل محتاج بعضهم إلى بعض، فكل فرد في الأمة يستطيع أن يضع لبنات في صرح مجدها سواء منهم القوي والضعيف والغني والفقير، ولذلك يدعو الإسلام الجميع إلى التسابق في الخيرات فيقول: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} ويقول:
{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} ثم يبين صفة هؤلاء المتقين الذين يستحقون هذه الجنة بأنهم خيِّرون بطبعهم ينفقون في السراء والضراء ويكظمون الغيظ ويعفون عن الناس.
ويزيد عليه الصلاة والسلام طرق الخير بيانا وتوضيحا ويضرب لذلك الأمثال فيقول: "من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه".
ويقول: "اتقوا النار ولو بشق تمرة".
فيدفع الناس إلى عمل الخير مهما كان ضئيلا، فالقليل إلى القليل كثير.
بل ويجعل عليه الصلاة والسلام واجبا على كل فرد في هذه الأمة المسلمة أن يبذل لغيره معروفا إن استطاع ليكون ذلك له بمثابة الجهاد.
هذا أبو ذر جُندب بن جُنادة رضي الله عنه يقول: "قلت يا رسول الله أي الأعمال أفضل، قال: "الإيمان بالله والجهاد في سبيله"، قلت: "أي الرقاب أفضل"، قال: "أنفسها عند أهلها وأكثرها ثمنا"، قلت: "فإن لم أفعل"، قال: "تعين صناعا أو تصنع لأخرق". قلت: "يا رسول الله أرأيت إن ضعفت عن بعض العمل". قال: "تكف شرك عن الناس فإنها صدقة منك على نفسك". ويعد الله العاملين، ووعده الحق، أن ثوابهم لن يضيع عنده.