3- إن ما دلت عليه أحاديث المهدي من امتلاء الأرض ظلما وجورا قبل خروجه لا يدل على خلو الأرض من أهل الخير قبل زمانه فالرسول صلى الله عليه وسلم أخبر في أحاديث صحيحة بأنه لا تزال طائفة من أمته على الحق ظاهرين حتى يأتي أمر الله ومنها الحديث الذي رواه مسلم عن جابر أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة قال فينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم تعال صلى لنا فيقول لا إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله هذه الامة"، وهذه الأحاديث وأحاديث المهدي تدل على أن الحق مستمر لا ينقطع لكنه في بعض الأزمان يكون لأهله الغلبة ويحصل له الانتشار كما في زمن الرسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين وكما في زمن المهدي وعيسى بن مريم وفي بعض الأزمان يتضاءل هذا الانتشار ويضعف أهله أما أن الحق يتلاشى ويضمحل فهذا ما لم يكن فيما مضى منذ زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يكون في المستقبل حتى خروج الريح التي تقبض روح كل مؤمن ومؤمنة كما أخبر بذلك الذي لا ينطق عن الهوى صلوات وسلامه عليه فما من زمن في الماضي إلا وقد هيأ الله لهذا الدين من يقوم به وفي هذا الزمن الذي تكالب اعداء الإسلام عليه وغزوه بأعدائه لم تخل الأرض من إقامة شعائر الدين الإسلامي ومن ذلك ما امتن به على حكومة البلاد المقدسة من التوفيق لتحكيم الشريعة وتعميم المحاكم الشرعية في مدن المملكة وقراها يتحاكم الناس فيها إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم على وجه لا نظير له في سائر أنحاء الأرض فيما نعلم فيرجم الزاني المحصن ويجلد البكر ويحد شارب الخمر وتقطع يد السارق ويقتل القاتل وغير ذلك وما حصل في هذه البلاد من الأمن والإستقرار ورغد العيش إنما هو من الثواب المعجل على القيام بالدين زادها الله من كل خير وحماها من كل شرور وفق المسلمين جميعا في سائر انحاء الأرض لما فيه عزهم وسعادتهم في