والواقع أن القبور التي بالمساجد قد أبعدت الناس عن التوحيد, ولا إنقاذ لكثير من المسلمين من التردي في هوة الشرك إلا بإزالة الأضرحة التي بالمساجد؛ لأن المساجد لله، فينبغي أن يدعى الله وحده فيها، يقول الله جل وعلا: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} الجن: 18؛ ولأن وجود القبور بالمساجد يصد الناس ويصرفهم عن إخلاص العبادة لله وحده، كما يُسيءُ إلى النفوس، ويجعلها تذل لغير الله، ويجردها من العزة بتوحيد الله تعالى. وأصل الشرك أن يوجه حق الله في العبادة إلى غيره تعالى، أو يعتقد أنّ مخلوقا من خلق الله له سلطان فوق قدرة المخلوقين، وهذا هو اعتقاد من غفلوا عن كنه التوحيد الخالص في المقبورين من أرباب الأضرحة التي توجد بالمساجد فهم يعتقدون أنّ لهم من القوة أو الجاه ما يمكّنهم من تصريف الأمور، وجلب المنافع، ودفع المضار, وغيرها مما لا يقوى عليه إلا رب العالمين.
ولا يستطيع الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الجامع الأزهر أن ينكر أنّ هذا هو الذي يحدث فعلا في المساجد التي توجد بها أضرحة، فالدفاع عن بقاء هذه الأضرحة بالمساجد، واستنكار الدعوة إلى إزالتها معناها الموافقة على بقاء ذرائع الشرك ووسائله، وهذا ما لا يقبله عالم ديني كبير كشيخ الجامع الأزهر.