ولقد شرح القرآن الكريم هذين المعنيين وكذا السنة النبوية المطهرة شرحا وافيا وفصّلاه تفصيلا كاملا فلم يتركا المجال لأحد كائن من كان ممّن ادّعى النبوغ في البلاغة والفصاحة أن يخالف هذا الأساس المتين, والبرهان الواضح, والحجة القوية الباهرة {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ_ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ لا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ_ إِلاَّ أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [1] . ولقد ظل النبهاني الذي مدحتموه في رسالتكم مخالفا لدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم طوال حياته ظاهرا، وباطنا، وأما الظاهر فقد أوضحت ذلك في المقال السابق لكونه تولى تلك المناصب الهائلة ضاربا بأحكام الباري جل وعلا, وأحكام رسوله صلى الله عليه وسلم عرض الحائط, ولم يبال بشيء رادع يردعه عما أقبل عليه وفرح به من تحاكمه وحكمه إلى الطاغوت الكافر اللعين، وأما الباطن فلتَنكُّرِه لدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهي دعوة التوحيد الخالص, فكتب كتاباً خبيثا لا يزال وصمة عار يحارب فيه أولئك الأمجاد الكرام من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين, الذين جدد الله تعالى بهم الدين، وأعلى بهم كلمته, ونشر بهم رسالة نبيه صلى الله عليه وسلم. وا أسفاه على النبهاني وعلى اتباعه الذين يمجدونه ويرفعون ذكره، وحاله معروف واضح أمام من أُعطي أدنى فهم وعلم، ومعرفة في الدين، ولقد زعم النبهاني في كتابه "شواهد الحق"- وهي شواهد الضلال والكفر- أن الآيات القرآنية التي ساقها في التوحيد ونبذ الشرك، إنها لم تكن تشمل المؤمنين الموحدين في نظره، وليست العبرة بعموم اللفظ عنده، وقد خالف في ذلك جهابذة المفسرين, ومع ذلك هو متمكن في اللغة