فلتكن للجماهير المؤمنة بالله تعالى وكتبه ورسله واليوم الآخر طريقتها في نبذ الغفلة عن الله، والرجوع إلى تعاليم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والانشغال بعيوب النفس عن عيوب الغير، والأخذ فيما هي ماضية فيه وساعية لأجله من نشر دين الله، وإصلاح العقيدة في الله، وربط النفوس بشريعة الله.
إنّ الجماهير المسلمة تتحرّك في سلمها وحربها على هدى من الله، وبتوفيق منه سبحانه، ومن ثَمّ فإنّ أكثريتها المطلقة تتمتع ببصيرة مستمدة من شريعة الإله الحق لجميع الخلق، ومصداق ذلك قول الرسول الكريم: "لا تجتمع أمتي على ضلالة".
والعقل الجمعي في مجتمعات الإسلام ليس عقلا غوغائيا، ولا عشوائيا؛ لأنه عقل ملتزم بتوجيهات الكتاب والسنة "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت" أخرجه البخاري. وهو عقل جمعي إيجابي نشيط، وليس سلبيا خوّارا: "من ردّ عن عرض أخيه بالغيب ردّ الله عن وجهه النار يوم القيامة" أخرجه الترمذي وحسنه.
والعقل الجمعي الإسلامي عقل متعاون لا متصارع، متآلف لا متحاسد: يقول الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} سورة المائدة "2". ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "يا أيها الناس، أفشوا السلام، وصلوا الأرحام، وأطعموا الطعام، وصلُّوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام" أخرجه الترمذي وصححه.