ولما كان الخطابي أديبا لغويا فإننا نراه يوافق مبدئيا على هذا الرأي، ولكنه يحمل على القائلين به، وينعى عليهم جمودهم وسطحيتهم، ووقوفهم عند حد التقنين والتقليد، كما ينعى عليهم عدم تحليل الأمور وتحقيقها، وقصور كلامهم عن الإقناع ذلك أنهم "صاروا إذا سئلوا عن تحديد هذه البلاغة التي اختص بها القرآن، الفائقة في وصفها سائر البلاغات، وعن المعنى الذي يتميز به عن سائر أنواع الكلام الموصوف بالبلاغة قالوا: إنه لا يمكننا تصويره ولا تحديده بأمر ظاهر نعلم مباينة القرآن غيره من الكلام وإنما يعرفه العالمون به عند سماعه ضربا من المعرفة لا يمكن تحديده، وأحالوا على سائر أجناس الكلام الذي يقع منه التفاضل، فتقع في نفوس العلماء به عند سماعه معرفة ذلك، ويتميز في أفهامهم قبيل الفاضل من المفضول منه"، فيقول: "وهذا لا يقنع في مثل هذا العلم، ولا يشفى من داء الجهل به، وإنما هو إشكال أحيل به على إبهام".