وحسنا ذهب بعض النقاد المعاصرين إلى نقد من يقصر المطابقة على علم المعاني فقال: "وهنا يتبين الخطأ في قصر تطبيق الكلام على ما يقتضي الحال ذكره على مسائل علم المعاني؛ فإن الحق أن ذلك شامل لفنون البلاغة جميعا.." [23] ، ويقول: "والواقع أن دائرة المطابقة لمقتضى الحال أوسع من هذه الدائرة بكثير، ولا تقف عند تلك المباحث الثمانية المشهورة التي ذكروها في علم المعاني؛ فإن مجالات هذه المطابقة كثيرة.." [24] .
ولا شك أن هذا الاتجاه لتعميم المطابقة الشاملة في فنون البلاغة الثلاثة هو المنهج الأقوم الذي أرساه من قبل الأقدمون من علماء النقد والبلاغة، وما أحوج الدرس البلاغي المعاصر إليه؟!!
وبعد فإن مكان البيان من البلاغة يتوقف على مدى وفاء اللون البياني بالمقام الذي سيق له، وما يكتنف الصور البيانية من قيمة ذاتية تخلع على الكلام حسنا وجمالا، وتكسبه روعة وجلالا، وتشيع الضياء والرونق في كل نظم تحتويه، وتمنحه الصحة والقوة بكل ما تمثله من قيمة ذاتية، وتضمن له الحيوية المتجددة فلا يسقط على مر العصور..
وعلى الله قصد السبيل.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] راجع إن شئت المثل السائر: ج 1 ص 39، والطراز للعلوي ج 1 ص 370.
[2] مفتاح العلوم للسكاكي ص 177 بتصرف.
[3] مفتاح العلوم للسكاكي ص 177 بتصرف.
[4] انظر كتابنا: ((روائع البيان العربي)) ص 266، ص 273 ط دار إحياء الكتب العربية بمصر.
[5] انظر: روائع البيان العربي للكاتب: ص 21-23.
[6] شرح السيوطي لمنظومته عقود الجمان 2-5.
[7] هامش شرح الفوائد الغيائية 195.
[8] دراسات في علم النفس الأدبي للأستاذ حامد عبد القادر ص 41.
[9] رغبة الآمل شرح الكامل للمرصفي ج 6 ص 238، ج 7 ص 37 ص 63.