لمجرد التمييز، تعصباً منا كما يفعل أهل الأديان الأخرى مع أنبيائهم، فنحن لا نفضل إلا ما فضل الله {لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِه} .
أعود فأقول: إن أول ما بدأت تقاوم به دعوة الرسول الكريم كانت العنصرية، تلك الصفة التي لا يتشح بها إلا الجاهليون وكل جاهلي في كل عصر، فقد صور الكفر للغلاظ من أشراف قريش، أن الفارق بينهم ومن أجابوا المنادي صلوات الله عليه من المساكين، يمنع التساوي معهم بالدين الجديد، وعن هذا النوع قدم القرآن قصتهم في غير آية وغير سورة، بما يعلم الكثير، لكني اخترت البعض منها لأتعرض لها بشيء مما نريد الوصول إليه في هذا المقام، فقصة الضعفاء التي أودرها علماء أسباب النزول لآيات سورة الأنعام البادئة بقوله تعالى: {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ} أسندوا روايتها بلفظ يختلف ومعنى يتحد إلى ابن حبان وأحمد والطبراني وابن جرير الطبري وابن أبي حاتم عن الصحابة سعد بن أبي وقاص وابن مسعود وعكرمة وخباب رضي الله عنهم أجمعين، تقول القصة: جاء عتبة ابن ربيعة، وشيبة ابن ربيعة، ومطعم بن عدي، والحارث بن نوفل، في أشراف بني عبد مناف من أهل الكفر إلى أبي طالب فقالوا: لو أن ابن أخيك يطرد هؤلاء الأعبد كان أعظم في صدورنا، وأطوع له عندنا، وأدنى لاتباعنا إياه، فكلم أبو طالب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال عمر بن الخطاب: لو فعلنا ذلك حتى ننظر ما الذي يريدون، فنزل قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُون …} إلى قوله تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} ، وكانوا بلالا، وعمار بن ياسر، وسالما مولى أبي حذيفة، وصالحاً مولى أسيد، وابن مسعود، والمقدام بن عبد الله، وواقد بن عبد الله الحنظلي، وغيرهم، فأقبل عمر فاعتذر، فنزلت فيه الآية: {وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُون …} إلى آخر الآية، انتهى لفظ القصة، ولنقرأ أولاً الآيات كاملة،