وقد أناط الإسلام وجوب الإحسان إلى بعض الحيوانات بمنافعها المعنوية وصفاتها الحميدة، فأوجب الرفق بها لذلك، ومن ذلك ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما من حديث عبد الله بن عمر، أنه صلى الله عليه وسلم قال: "الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة"، ووقع في رواية ابن إدريس عن حصين في هذا الحديث من الزيادة قوله صلى الله عليه وسلم "والإبل عزّ لأهلها، والغنم بركة" أخرجه البرقاني في مستخرجه، ونبه عليه الحميدي، ونقله ابن حجر (فتح الباري 6/395) .
وروى النسائي عن زيد بن خالد الجهني عن رسول الله قوله: "لا تسبوا الديك فإنه يوقظ للصلاة". رواه أبو داود أيضاً وابن حبان في صحيحه، إلا أنه قال: " فإنه يدعو للصلاة" على ما نقله المنذري (5/133) .
الرفق بالحيوان عبادة لله:
توافرت النصوص على أن الإحسان إلى الحيوان والرفق به عبادة من العبادات التي قد تصل في بعض الأحيان إلى أعلى درجات الأجر وأقوى أسباب المغفرة، ومن ذلك حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه الحر، فوجد بئرا ًفنزل فيها فشرب، ثم خرج، فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني، فنزل البئر فملأ خفه ماء، ثم أمسكه بفيه حتى رقي، فسقى الكلب، فشكر الله له، فغفرله، قالوا: يا رسول الله إن لنا في البهائم أجرا ً؟ فقال: في كل كبد رطبة أجر" رواه مالك، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، وابن حبان في صحيحه إلا أنه قال: "فشكر الله له فأدخله الجنة".
وأخرج مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة بسنده إلى أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن امرأة بغيا رأت كلبا ًفي يوم حار يطيف ببئر قد أدلع لسانه من العطش فنزعت له بموقها _أي استقت له بخفها _ فغفر لها " فقد غفر الله لهذه البغي ذنوبها بسبب ما فعلته من سقي هذا الكلب.