وإذا ثبت أن الرسم القديم الذي كتبت عليه المصاحف قد حظي بإقرار النبي صلى الله عليه وسلم له، وإجماع الصحابة عليه، ورضا أئمة الصدر الأول – وهم خير الأمة - عنه. واتفاق التابعين وأتباعهم، والأئمة المجتهدين عليه، فلا يجوز العدول عنه إلى غيره، لا سيما وأنه أحد أركان القراءة الصحيحة.
وهاك نصوص الأئمة من صدور هذه الأمة وعظمائها.
روى الإمام السخاوي - من أجلاء علماء القراءات - أن مالك بن أنس إمام دار الهجرة سئل: أرأيت من استكتب مصحفاً أيكتب على ما أحدثه الناس من الهجاء اليوم؟ فقال مالك: لا أرى ذلك ولكن يكتب على الكتبة الأولى، قال السخاوي: والذي ذهب إليه مالك هو الحق، إذا فيه بقاء الحالة الأولى إلى أن تعلمها الطبقة الأخرى.
ولا شك أن هذا هو الأحرى، إذ في خلاف ذلك تجهيل بأولية ما في الطبقة الأولى انتهى.
وقال الإمام أبو عمرو الداني: لا مخالف لمالك من علماء هذه الأمة.
وقال الداني أيضاً: سئل مالك عن الحروف في القرآن.. مثل الواو، والياء والألف، أترى أن يغير من المصحف إذا وجد فيه شيء من ذلك؟ قال: لا، قال أبو عمرو: يعني الواو والياء والألف الزائدات في الرسم. المعدومات في اللفظ، نحو: لا أذبحنه، بأييد، وأولو، وهكذا..
وقال الإمام أحمد بن حنبل: تحرم مخالفة خط مصحف عثمان في واو، أو ياء.. أو ألف أو غير ذلك.
وقال صاحب المدخل: يتعين على كاتب المصحف أن يترك ما أحدثه بعض الناس في هذا الزمان من نسخ المصحف على غير المرسوم الذي اجتمعت عليه الأمة. انتهى.
وقال الإمام النيسابوري: وقال جماعة من الأئمة إن الواجب على القراء والعلماء وأهل الكتابة أن يتبعوا هذا الرسم في خط المصحف، فإنه رسم زيد بن ثابت وكان أمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وكاتب وحيه. انتهى.