أين التفسير الصريح والحديث الصحيح؟ أين السند القوي، والدليل الذكي؟ من أي المناهل ارتشفت واشتفيت، وعلى أي المصادر اطلعت واكتفيت؟ أقضيت وقتاً طويلاً في البحث والتقصي قبل أن تخرج على الناس بفتواك، وتقدم إليهم من العلم الصحيح نصائحك وهداياك؟ تلك هي وربك قاصمة الظهر التي لا يمحى عارها أبد الدهر، اللهم إلا إذا كنت من عظاتك متثبتاً متيقناً، حتى لا تقع في الهوة التي وقع فيها من قبلك من جعلوا هواهم حكماً في أمور الدين وبئسما صنعوا {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ} .
روى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا ضُيعت الأمانة فانتظر الساعة. قال: كيف إضاعتها يا رسول الله؟ قال: إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة ".
وصدق الله العظيم {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} .
ومن العلم الصحيح يا داعي الحق أن تهجر البدع وتنبّه الناس إلى ضررها، وأن تجانب الفساد وتحذر الناس من استشرائه وانتشاره، فإنها المهمة الكبرى المنوطة بك أن تحذر الناس من النار: نار الدنيا ونار الآخرة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} سورة التحريم: 6.
وقد روى ابن بطة بإسناد جيد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تركبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل ".
وسبحان من خلق النفوس وهو أدرى بأهوائها ومشاربها وهو قادر على إصلاحها.