أما المعسكر الشرقي الفارسي فقد تحرك هو الآخر حين سمع بنبأ وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كسرى: من يكفيني أمر العرب؟ فقد مات صاحبهم، وهم الآن يختلفون بينهم، إلا أن يريد الله بقاء ملكهم فيجتمعون على أفضلهم [3] .
لقد وجد الصحابة أنفسهم - رضي الله تعالى عنهم - يقفون وجهاً لوجه أمام محن قاسية شديدة وخطيرة، ومهمات كبرى ومسؤوليات ضخمة تمتحن صلابتهم ووعيهم، وتعجم عودهم وجدارتهم للقيام بالأمانة العظمى بعد نبيهم عليه الصلاة والسلام..
هذه المحن والمهمات يمكن حصرها في نقاط ثلاث وهي:
1_ اجتماعهم قبل كل شيء وبأسرع وقت على رجل منهم خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
2_ الوقوف في وجه الردة الشاملة للجزيرة العربية والمرتدين..
3_ حمل الأمانة العظمى، وتبليغ رسالة الله تعالى إلى العالم كله وتحرير البشر بها، وإيصال الإسلام إلى كل إنسان على ظهر الأرض وإزالة كل العراقيل والعقبات "سواء كانت هذه العقبات والعوائق شبهات تحاك، وضلالات تزيّن، أو كانت قوى طاغية تصد الناس عن الدعوة وتفتنهم في الدين.." {حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ} [4] .
وسنتناول - بإذن الله تعالى - هذه النقاط في الأعداد القادمة.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] البداية والنهاية جزء (5) فصل احتضاره ووفاته عليه الصلاة والسلام..
[2] المرجع السابق.
[3] مختصر السيرة للشيخ محمد بن عبد الوهاب ص 319 ط: 1.
[4] في ظلال القرآن للسيد قطب رحمه الله تعالى ج6 ص29 ط: 4.