وليس هذا فحسب، بل إن الصحابة رضي الله عنهم فقدوا نبيهم عليه الصلاة والسلام في ظرف عصيب، حيث تحيط بهم الأخطار من كل حدب وصوب، وتتهدد كيانهم ووجودهم فهناك المنافقون في المدينة وحولها، وهناك حديثو العهد بالإسلام ممن قال الله تعالى فيهم {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} ، وهناك الطلقاء من زعماء قريش في مكة المكرمة الذين قهرتهم قوة الإسلام، ثم هناك اليهود الموتورون الحاقدون، وكذلك النصارى على التخوم الشمالية للجزيرة العربية، وجيش أسامة بن زيد بن حارثة - رضي الله تعالى عنهما - على الانطلاق إليهم، وأيضاً الفرس، ثم إن هناك المتنبئين الكذابين ومنهم من ما زالت فتنته قائمة كمسيلمة، ومنهم من لم يمض غير وقت قصير بل أيام على القضاء على فتنته كالأسود العنسي.
قال محمد بن إسحاق: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتدت العرب، واشرأبت اليهودية والنصرانية، ونجم النفاق، وصار المسلمون كالغنم المطيرة في الليلة الشاتية لفقد نبيهم حتى جمعهم الله على أبي بكر رضي الله تعالى عنه [1] .
ب_ صدى وفاته عليه الصلاة والسلام في الجزيرة العربية: