سعيد: -يتقدم من أقصى القاعة- وأنا أيضا أحسن صناعة الموت، فاقبلني في رحلتك أيها البطل..
الملك: حتى أنت يا سعيد.. تتركني في اللحظة الأخيرة!.
موسى: إنها انتفاضة الإيمان تسمو بالنفوس الكريمة إلى ذروة التضحية.
سعيد: لم يبق في الحياة ما يستحق البقاء..
(يدخل الحاجب)
الحاجب: إن فارسا قادما من السور يلتمس مقابلة القائد موسى.
موسى: من الفارس؟.
الحاجب: لم يذكر اسمه، وهو غارق في الحديد لم أر غير عينيه.
موسى: (يلمح الفارس خارج القاعة) أقبل أيها الفارس.
الفارس: سيدي القائد. إن العدو المتكاثر يكاد يغلب جنودك على الباب الجنوبي.
موسى: إننا قادمون. وسنفتح هذا الباب.
الفارس: ماذا؟.. أتفتحون الباب للعدو؟!
موسى: أجل سنفتحه لنسده بأجسامنا.
القائدان وسعيد: أجل لنسده بأجسامنا.
الفارس: الله أكبر.-يتقدم من موسى، وقد لان صوته وظهرت في نبراته رقة الأنوثة- ألا يسرّك يا سيدي القائد أن نتجرع معا كأس الشهادة؟! موسى: -مندهشا يتلمس الفارس في حنان- فاطمة!..هذا أنت؟ تعالي.. تعالي.. أشد ما يسعدني أن نلتقي في ساعتنا الأخيرة!. أجل ليكونن ما تريدين، وسيحتفل بزواجنا ملائكة السماء بعد أن عقدنا رباط الزوجية في جنان غرناطة الحبيبة.
الجميع: الله أكبر!..
الملك: هنيئا لكم هذا المصير الكريم. إن مثلكم لا يصلح لغير الحياة الكريمة، أو الموت الكريم.. أما أنا.. ويلاه!..يشرق بدموعه، ويهوي على مقعده.
موسى: -في لهجة تختلط فيها الشفقة بالاحتقار- حق لمثلك أن يبكي أيها الملك التعس..ولكن!..
ابن رضوان: (هامسا) ولكن.. هيهات للدمع أن يغسل الآثام..
موسى: هلموا يا رفاقي نلق على العدو درسنا الأخير. أما الشيوخ ...
فاطمة: فليفتشوا عن الترياق في أنياب الأفعى ...
موسى: وإن لم يظفر أحدنا بقبر يضم أشلاء.. فلن يعدم سماء تغطيه.