وهؤلاء الثلاثة الذين تخلفوا من أكابر الصحابة رضي الله تعالى عنهم في غزوة تبوك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم كعب بن مالك وهلال بن أمية، ومرارة بن الربيع رضي الله عنهم الذين اعترفوا بتخلفهم من غير عذر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم صلى الله عليه وسلم تلك المقالة المعروفة التي تناقلها ثقاة المحدثين بأسانيدهم الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قوموا حتى يقضي الله فيكم وليس لكم عندي شيء يخرجكم من موقفكم هذا"، ونهى جميع الصحابة رضي الله عنهم عن كلامهم إياهم، فكان أمرهم، وشأنهم معروفا معلوما لدى جميع الصحابة رضي الله عنهم، وقد صور القرآن الكريم حالتهم التي توصلوا إليها في النهاية إذ يقول جل وعلا في محكم كتابه {وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} 18 التوبة.
لماذا لم يستغيثوا برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بين أظهرهم صلى الله عليه وسلم ولماذا لم يغثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الحال وهو رؤوف رحيم كما وصفه ربه جل وعلا في كتابه إذ يقول جل وعلا: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} .