لقد فطنت كثير من الدول الكبرى إلى الإذاعة لما لها من القدرة على التأثير الوجداني والعقائدي من خلال الكلمة المسموعة والموسيقى والأغاني والبرامج الترفيهية. وفي ثنايا ذلك تبث سمومها لتحطيم إرادة الجماهير أو تعمل على نشر الشائعات لتضل الناس عن صراط الله المستقيم.
تأثيرات كامنة:
وهناك تأثيرات ظاهرة وأخرى كامنة تسعى إليها الإذاعات للتأثير على الجماهير (كما أوضح ذلك جوزف كليبر) حيث يكون هناك تركيز معين لتدعيم اتجاه ما، بل إن الإذاعة تكون في كثير من الأحيان قادرة على خلق اتجاه جديد أكثر من قدرتها على تحويل الاتجاهات المسبقة الراسخة. ولقد عمل أعداء الإسلام ردحا من الزمن على خلق تيارات فكرية وعقائدية جديدة. بل أخذوا يعلمون المسلمين لغتهم ويلقنونهم فكرهم. وتدخلوا في ثقافة المواطن المسلم كما حدث في جنوب إفريقيا وبلدان من آسيا. ألبسوا ذلك رداء الإسلام حينا وسموا الأشياء بغير مسمياتها حينا آخر.. لقد أكد ((اللورد ماكولي)) مرة أن سياسة الإعلام في الهند كانت تهدف إلى خلق طبقة من المثقفين في جلود هندية، ولكنهم يفكرون ويدركون بعقول إنجليزية، ويقومون كذلك بدور الوسطاء بين بريطانيا وبين الملايين من الناس.
تجاهل مقصود:
ونحن نجد اليوم كثيرا من الإذاعات تروج للعقائد والمذاهب الضالة عملا وفكرا، بل تسعى جاهدة على أن تصور الإسلام على أن الدين فيه غير الدنيا. ومما يؤسف له أن هذا التفكير الذي ينطوي على تجاهل مقصود لحقيقة الإسلام قد سرت عدواه إلى كثير من المثقفين في البلاد الإسلامية نتيجة لروافد الفكر المادي أو ((العلماني)) فأصبحت كلمة الإسلام في نظر الكثير منهم يمكن أن تعني أي شيء إلا الأمور المتعلقة بشؤون الحياة التي نحيا فيها فكانت تلك هي الهوة التي تفصل بين الدين وبين اللحاق بركب الحضارة.