كاتبة الفندق الذي نسكن فيه عجوز إنكليزية أقدر أن عمرها في حدود (60) سنة أخذت تتحدث اليوم معنا عن الحالة الحاضرة في إفريقية وما كانت عليه منذ أربعين سنة عندما جاءت إلى إفريقية أول مرة قالت: لقد جئت في ذلك الوقت ولم أحتج أن أبرز جوازي فضلا عن أن يطلب مني تأشيرات دخول من شمال القارة الإفريقية إلى جنوبها.
أما الآن فقد اختلف الأمر كثيرا فقد بعثت منذ أسبوعين كتابا إلى حكومة زامبية أطلب منها أن تمنحني إذنا بالدخول لأتمكن من قضاء إجازة عيد الميلاد ورأس السنة مع ابني الذي يقيم فيها وحتى الآن لم يصلني الرد بالإيجاب ولا أدري هل يصلني بعد ذلك. فقلت لها: وما رأيك في الحالة التي عليها افريقية الآن وهل هي أحسن منها عندما دخلت إليها أول مرة، فتنهدت ثم قالت: هل السعادة في السلام؟ أم في الكراهية والبغضاء؟؟.. ولما سألتها توضيح ما تعنيه، قالت: إنها في ذلك الوقت كانت تعتبر قارة سعيدة فلا كراهية ولا بغضاء ولا انقسامات بين دولها حتى الإفريقيون سعداء بحالتهم التي كانوا عليها، أما الآن فأين المكان الذي يسوده السلام والطمأنينة في إفريقية؟ أفي البلاد التي يسيطر عليها البيض ويسومون السود سوء العذاب، وهم –أي البيض –في فزع دائم من أن يأتي يوم يسيطر فيه عليهم الإفريقيون فيكيلون لهم الصاع صاعين، أم في الكنغو وكينية والصومال والحبشة وزنجبار وغيرها وغيرها؟.
ثم قالت بل السلام الآن عزيز في أكثر البلاد فتلك الولايات المتحدة أغنى دول العالم تعانى اضطرابا عنصريا واهتياجا عاطفيا، ثم أضافت قائلة: حتى بلادكم مهد الحضارات القديمة ومطلع الرسالات السماوية ليس فيها سلام فاليهود والعرب يتقاتلون وفئات الشعب في كثير من بلدانه تتصارع وانقلابات تتلوها انقلابات، ثم قالت أرى أن الدعاء الذي يقال في عيد الميلاد (وعلى الأرض السلام) لم يستجب.
يوم السبت 4-9-1386هـ. 17-2-1966م