على أنها فرض كفاية قوله جل وعلا: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْر} الآية.
قال الحافظ ابن كثير عند هذه الآية وجماعة ما معناه: ولتكن منكم أمة منتصبة لهذا الأمر العظيم تدعوا إلى الله وتنشر دينه وتبلغ أمره سبحانه وتعالى ومعلوم أيضا أن الرسول عليه الصلاة والسلام دعا إلى الله وقام بأمر الله في مكة حسب طاقته وقام الصحابة كذلك رضي الله عنهم وأرضاهم بذلك حسب طاقتهم ثم لما هاجروا قاموا بالدعوة أكثر وأبلغ ولما انتشروا في البلاد بعد وفاته عليه الصلاة والسلام قاموا بذلك أيضا رضي الله عنهم وأرضاهم كل على قدر طاقته وعلى قدر علمه.
فعند قلة الدعاة وعند كثرة المنكرات وعند غلبة الجهل كحالنا اليوم تكون الدعوة فرض عين على كل واحد بحسب طاقته وإذا كان في محل محدود كقرية ومدينة ونحو ذلك ووجد فيها تولى هذا الأمر وقام به وبلغ أمر الله كفى وصار التبليغ في حق غيره سنة لأنه قد أُقيمت الحجة على يد غيره ونفذ أمر الله على يد سواه. ولكن بالنسبة إلى بقية أرض الله وإلى بقية الناس يجب على العلماء حسب طاقتهم وعلى ولاة الأمر حسب طاقتهم أن يبلغوا أمر الله بكل ما يستطيعون وهذا فرض عين عليهم بالتعيين على حسب الطاقة والقدرة وبهذا يعلم أن كونها فرض عين وكونها فرض كفاية أمر نسبي يختلف.