فبين سبحانه أنه أرسل الرسل وأنزل معهم الكتب ليحكم بين الناس بالحق والقسط، وليوضح للناس ما اختلفوا فيه من الشرائع والعقائد، من توحيد الله وشريعته عز وجل فإن قوله سبحانه وتعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} يعني على الحق لم يختلفوا من عهد آدم عليه الصلاة والسلام إلى نوح كان الناس على الهدى كما قال ابن عباس رضي الله عنهما وجماعة من السلف والخلف، ثم وقع الشرك في قوم نوح فاختلفوا فيما بينهم، اختلفوا فيما يجب عليهم من حق الله، فلما وقع الشر والاختلاف أرسل الله نوحا عليه الصلاة والسلام وبعده الرسل كما قال عز وجل: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} وقال تعالى: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} .
فالله أنزل الكتاب يبين حكم الله فيما اختلف فيه الناس، ويبين شرعه فيما جهله الناس، وليؤمر الناس بالتزام شرع الله، والوقوف عند حدود الله، وينهى الناس عما يضرهم في العاجل والآجل، وقد ختم الرسل جل وعلا بأفضلهم وبإمامهم وبسيدهم نبينا وسيدنا محمد بن عبد الله عليه من ربهم أفضل الصلاة والتسليم.