وأيضا فأبو بكر وعمر رضي الله عنهما كان اختصاصهما بالنبي صلى الله عليه وسلم فوق اختصاص غيرهما. وأبو بكر رضي الله عنه كان أكثر اختصاصا فإنه كان يسمر عنده عامة الليل يحدثه في العلم والدين ومصالح المسلمين - إلى أن قال - وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "وضع عمر رضي الله عنه على سريره فتكنفه الناس يدعون ويثنون ويصلون عليه قبل أن يرفع وأنا فيهم فلم يرعني إلا رجل قد أخذ بمنكبي من ورائي فالتفت فإذا هو علي رضي الله عنه فترحم على عمر رضي الله عنه وقال: ما خلفت أحد أحب إلي أن ألقى الله عز وجل بعلمه منك وأيم الله إن كنت لا أظن أن يجعلك الله مع صاحبيك وذلك أني كنت كثيرا ما أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "جئت أنا وأبو بكر وعمر ودخلت أنا وأبو بكر وعمر وخرجت أنا وأبو بكر وعمر" فإن كنت لأرجوا أو أظن أن يجعلك الله معهما". وفي الصحيحين وغيرهما أنه لما كان يوم أحد قال أبو سفيان لما أصيب المسلمون: أفي القوم محمد؟ أفي القوم محمد؟ أفي القوم محمد؟؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تجيبوه" فقال أفي القوم ابن أبي قحافة؟ أفي القوم ابن أبي قحافة؟ أفي القوم ابن أبي قحافة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تجيبوه" فقال أفي القوم ابن الخطاب؟ أفي القوم ابن الخطاب؟ أفي القوم ابن الخطاب؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تجيبوه" فقال لأصحابه أما هؤلاء فقد كفيتموهم فلم يملك عمر نفسه أن قال: كذبت يا عدو الله إن الذين أعددت أحياء وقد بقي لك ما يسوءك"وذكر الحديث. فهذا أمير الكفار في تلك الحال إنما سأل عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما دون غيرهم لعلمه بأنهم رؤوس المسلمين. النبي ووزيراه. ولهذا سأل الرشيد مالك بن أنس عن منزلتهما من النبي صلى الله عليه وسلم في حياته فقال: "منزلتهما في حياته كمنزلتهما منه بعد مماته". قلت: وقد تقدم عن علي بن الحسين أنه أجاب بنحو هذا