الإخوة والأبناء: ونختم محاضرتنا بما نتم به قصدنا، فإن أفراداً معينين من المشركين كانوا هدفاً عظيماً لسيوف الصحابة، ولكن الله كف أيدي الصحابة عنهم، وكان ذلك من غيب أحد أظهره الله بعد، والآن نقدم بعض المثل، فخالد بن الوليد حال الله دون قتله ليكون بعد ذلك سيفه المسلول الذي لم يغمد أبداً، حتى إنه عند موته تحسر لأنه لم يلق الله شهيداً، وهكذا أفلت وهو مشرك، ليخلد وهو مسلم، وحال الله دون قتل عمرو بن العاص ليصبح فيما بعد داهية الحروب، وفاتح أرض الكنانة مصر، ومضيئها بنور الإسلام، وعكرمة ينجو من سيف أحد، ليخوض جهاداً رائعاً حتى يلحق بالشهداء الأحياء في اليرموك، وكثير من نوعه شمله هذا الحديث الشريف: "يضحك الله سبحانه وتعالى إلى رجلين، يقتل أحدهما الآخر، كلاهما يدخل الجنة، يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل، ثم يتوب على القاتل فيُسلم، فيستشهد". رواه كل من البخاري ومسلم، بل وصاحب الجريمة الشنعاء وحشي، يسلم ويجاهد، حتى يأتي يوم اليمامة فيقول: "اللهم اجعلني أقتل مُسَيْلِمَة في حمزة، وتستجاب دعوته، ويشترك في قتل مسيلمة ثم يقول: قتلت بحربتي هذه خير الناس بعد رسول الله، وقتلت بها شر الناس، يقصد حمزة ومسيلمة وقائد الشر يومها أبو سفيان، يأتي عليه يوم يشكوه أحد ضعفاء مكة إلى عمر بأنه حول ماءه إلى بستانه، فيأمره عمر بأن يضع يده في الطين ويحول الماء إلى صاحبه فيطيع، فيقول عمر مسروراً: الحمد لله الذي جعل أبا سفيان يطيع عمر ببطن مكة، فيجيب أبا سفيان أيضاً، والحمد لله الذي جعل أبا سفيان يطيع عمر بالإسلام، ولم يقف الأمر عند الرجال، فالمرأة التي كاد سيف أبي دجانة يشقها نصفين، بقيت لتبايع الرسول صلى الله عليه وسلم يوم الفتح، وتنصرف من لدنه لتهشم صنماً لها في بيتها قائلة له: كنا منك في غرور وكما ذهبت يوم أحد لتحرض على قتل المسلمين، ذهبت إلى اليرموك لتحرض على قتل الكافرين، وأم حكيم التي كانت مع زوجها عكرمة