ولهذا مثلوا به بعد أن صال وجال في أحد، ودفنه الرسول بجانب خاله حمزة، فضم المكان الأسد والشبل معاً، ومن نماذجنا في هذا اليوم حاطب بن أبي بلتعة، يقول حاطب: لما رأيت ما فعل عتبة بن أبي وقاص برسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث أدمى وجهه، سألته، أين توجه عتبة؟ فأشار النبي إلى حيث توجه، فمضيت حتى ظفرت به، فضربته بالسيف فطرحت رأسه، ثم نزلت فأخذت فرسه وسيفه، وجئت به إلى سول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: "رضي الله عنك، رضي الله عنك، مرتين"، وآخر الأمثلة امرأة هي أم عمارة نسيبة بنت كعب، ويكفينا من قصتها الطويلة قول النبي صلى الله عليه وسلم عنها: "ما التفت يميناً ولا شمالاً يوم أحد إلا ورأيتها تقاتل دوني"، وقد خرجت يوم أحد مع زوجها وابنيها، فقال لهم الرسول: "بارك الله فيكم أهل بيت "فقالت أم عمارة: أدع الله أن نرافقك في الجنة، فقال: "اللهم اجعلهم رفقائي في الجنة" وهنا قالت أم عمارة ما أبالي ما أصابني من أمر الدنيا، أصيبت يومها رضي الله عنها باثني عشر جرحاً، أما الكبار والمشاهير في أحد فالكل يعرفهم، وكفا ناساً مثلنا.
إخواني وأبنائي: ولما ركد غبار المعركة على كثيب الرمال وصخور الجبل العتيد، ظهرت هند على صخرة منه، وقالت على مسمع من رجالنا تشفي ما بصدرها الموتور:
نحن جزيناكم بيوم بدر
والحرب بعد الحرب ذات سعر
فشكر وحش عليّ عمري
حتى ترم أعظمي في قبري
شفيت وحشيا غليل صدري
أدركت ثأري وقضيت نذري
تقصد بالنذر ما فعلت بحمزة، فترفع الأباة عن الرد على امرأة، فانبرت لها هند أخرى مؤمنة، هي هند بنت أثاثة المنافية، قالت بنفس الروي:
خزيت في بدر وبعد بدر
يا بنت وقاع عظيم الكفر
صبحك الله غداة الفجر
بحمزة الليث وعلى الصقر
بكل قطاع حسام يفري
فنذرك السوء وشر نذر