أما الميزة الثانية: فهي أنهم اعتمدوا في تحرير كتاباتهم عن الأديان الأخرى على المصادر الموثوق بها وتجنبوا الكتابة بالظن والاستنتاج ولم يأخذوا بالأخبار العامة التي يتناقلها الناس من غير بحث ولا تمحيص ولا اعتمدوا على الجاهلين بالدين ولا على أعداء أهله ممن لا يسلمون من الهوى والغرض فجاءت كتاباتهم وافية وصادقة بقدر الاستطاعة البشرية ثم اتخذوا له منهجاً علمياً سليماً متجرداً عن الهوى خالصاً من خطر التعصب فسلم فيه الموضوع وسلم فيه التطبيق.
ومن هذه المؤلفات العربية المشهورة:-
1) جمل المقالات لأبي الحسن الأشعري المتوفى سنة 330 هـ وقد جمع فيه مقالات الإسلاميين ومقالات غير الإسلاميين.
2) المقالات في أصول الديانات للمسعودي المتوفى سنة 346 هـ
3) الفَرْق بين الفرق لعبد القاهر بن طاهر البغدادي الاسفرائيني المتوفى سنة 429هـ
4) كتاب الفصل في الملل والنحل لابن حزم المتوفى سنة 456 هـ
5) كتاب الملل والنحل للشهرستاني المتوفى سنة 548 هـ
6) كتاب اعتقادات المسلمين والمشركين للفخر الرازي المتوفى سنة 606 هـ
ولكل من هؤلاء طريقته التي قد يتفق فيها مع غيره أو يختلف عنه مما سأعرض له عند البحث في مناهج المؤلفين إن شاء الله تعالى.
ثانياً: أما الحديث فهو بحث تحليلي عن التدين ومنشئه في الحياة الإنسانية وتدرجه مقابلة ذلك عند الأمم المختلفة، بعضه ببعض بياناً للقوانين العامة التي خضعت لها حياة الإنسانية الدينية وبياناً للعلاقات الفكرية والعملية بين الأديان المختلفة وتفاعلها وانفعالها، وكذلك الحديث عن عقائد كل دين وكتبه المقدسة عند أهله وحياته على هذا النحو من التعليل والتحليل.
وهو بحث أشبه ما يكون بفلسفة التاريخ إذا حسبنا البحث القديم (التاريخ العادي)