وأما الرسول الذي يزعم المبشرون اتباعه فهو المسيح عليه السلام، وهو نبي كريم وهو عبد الله ورسوله وقد أدى رسالة ربه ومهد لظهور أخيه محمد عليه الصلاة والسلام، ولكن المعروف من حياة المسيح عليه السلام وهديه في شؤونه الخاصة والعامة لا يكفي بشكل من الأشكال لجعل تلك السيرة قدوة ومنهاجا لإنسان يؤمن بالمسيح ويريد أن يتبعه ورغم قصر المدة التي قضاها المسيح عليه السلام في التبليغ ورغم رفع الله له إلى السماء في سن مبكرة فإن شطرا كبيرا من تلك المدة القصيرة مجهول غير محفوظ، فبعض المواعظ والرقائق مع بعض التعديلات في التوراة لا يكفي لأمة تحتاج في كل ناحية من نواحي حياتها لمرشد يهديها سبيل الرشاد، وهل هذا المرشد إلا هذا النبي. وإذا لم تحفظ الأيام حياة النبي وسيرته بشكل مفصل وواف ومقبول، ومنقول نقلا صحيحا فكيف نتبعه. وأمام هذا تستطيع أن نقول بدون تردد في النبي العظيم محمد عليه الصلاة والسلام: أن أمته لم تفقد منه فعلا إلا جسده الشريف وأما أقواله وأعماله وشؤون حياته كلها في مجالاته الخاصة والعامة بل حتى شؤونه الشخصية البحت من أكله وشربه ونومه واستيقاظه وضحكه وتبسمه وملابسه وأوانيه ودوابه وأسماء هذه الدواب وجلوسه ومشيه واتكائه والتفاته وشكله ولونه وطوله وعرضه ولون شعره وبشره وغير ذلك من جميع شمائله وخصائصه وشئون حياته وكل ما يتصل به من قريب أو بعيد كل ذلك قد دون وأحصي ودرس وسجل في كتب السير والشمائل والتاريخ بشكل لا مزيد عليه ونقل كل ذلك إلينا بطريق علمية تبهر علماء التاريخ من الأوروبيين، مع حفظ أسماء النقلة وأحوالهم وكتبهم. ومن أراد أن يتتبع حياة الرسول عليه الصلاة والسلام من قبل ولادته إلى انتقاله إلى الرفيق الأعلى ويعيش معه حياته المباركة بكل تفاصيلها الجليلة والدقيقة من شئون البيت ومداعبة الأطفال وملاطفة النساء إلى خصف النعل وغير ذلك من كل ما يخطر ببالك من شأنه ما عليه إلا أن يقرأ كتب السيرة