المقدس وفيما يجتمع عليه الرأي وهذا في الحقيقة إلزام بالخطأ من إنسان يشهد العقل والحس بعدم عصمته، وجعل الكنيسة مصدرا دائما من مصادر التشريع، وهذا لا يعدو عبادة الرأي والعقل والهوى، وفرق بين عصمة الكنيسة وإجماع المجتهدين من أئمة الإسلام وذلك لأن إجماع المجتهدين لا يكون إلا على دليل ومستند من كتاب أو سنة ومن عقائدهم: توسط رجال الدين بين الله وعباده وأنهم يمنحون البركة والمغفرة بإذنه ويقسمون رحمة الله بين خلقه فيمنعونها عمن يشاءون ويعطونها لمن يشاؤون0

وقد استغل رجال الدين هذه المكانة أشنع استغلال وأصبحوا يتصرفون بجنة الله وهم في الأرض وكأنهم يمارسون سلطة الله، وحادثة بيع صكوك الغفران في أوروبا كلها أمر شائع في التاريخ، حيث طبع أحد الباباوات بطاقات يبيع بموجبها مساحات من الجنة وذلك لقاء مبلغ من المال. وكراسي الاعتراف تشهد كل حين اعترافات المذنبين أمام رجال الدين بجميع الذنوب التي اقترفوها وذلك ليغفرها هؤلاء أو ليتوسطوا لمغفرتها-وقد حرر الإسلام الإنسان من هذه الوساطة وفتح أمامه أبواب السماء وأطلقه من هذه الوصاية وقد أونس منه الرشد وربطه مباشرة بربه يتصل به متى شاء وأين شاء: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}

أضف إلى ما سبق تقييد أماكن العبادة في الكنائس فقط مع ما في هذا من الحجر على عباد الله وتضييق الأرض الواسعة، مع عبادة مريم عليها السلام عند بعضهم وعبادة القديسين الذين لا يعلم عددهم إلا الله، وعبادة هؤلاء غالبا ما تكون بالتوسل بهم والاستعانة وتعظيم صورهم التي قلما تخلوا منها كنيسة0 ونحن نعلم أن الفرق المسيحية ليست مجمعة على جميع ما ذكرنا، ولكن الفرقة التي لا توافق على شيء مما ذكرناه، فإنها تقترف شيئا آخر هو أعظم بكثير مما استنكرته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015