ثم أخبر الله سبحانه أنه غفور رحيم عما سلف من التقصير في ذلك قبل النهي والتحذير منه سبحانه، وقال تعالى: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاَّتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} يخبر سبحانه أن القواعد من النساء وهن العجائز اللاتي لا يرجون نكاحاً لا جناح عليهن أن يضعن ثيابهن عن وجوههن وأيديهن إذا كن غير متبرجات بزينة فعلم بذلك أن المتبرجة بالزينة ليس لها أن تضع ثوبها عن وجهها ويديها وغير ذلك من زينتها وأن عليها جناحاً في ذلك ولو كانت عجوزاً لأن كل ساقطة لها لاقطة ولأن التبرج يفضي إلى الفتنة بالمتبرجة ولو كانت عجوزاً فكيف يكون الحال بالشابة والجميلة إذا تبرجت لا شك أن إثمها أعظم والجناح عليها أشد والفتنة بها أكبر وشرط سبحانه في حق العجوز أن لا تكون ممن يرجو النكاح وما ذاك والله أعلم إلا أن رجاءها النكاح يدعوها إلى التجمل والتبرج بالزينة طمعاً في الأزواج فنهيت عن وضع ثيابها عن محاسنها صيانة لها ولغيرها من الفتنة ثم ختم الآية سبحانه بتحريض القواعد على الاستعفاف وأوضح أنه خير لهن وإن لم يتبرجن فظهر بذلك فضل التحجب والتستر بالثياب ولو من العجائز وأنه خير لهن من وضع الثياب فوجب أن يكون التحجب والاستعفاف عن إظهار الزينة خيراً للشابات من باب أولى وأبعد لهن عن أسباب الفتنة، وقال تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ