ج - الحوار: وكذلك كان الحوار قبل شوقي في جمود يخالف طبيعة الحياة، وذلك أن شخص القصة لا يتم عبارته في أقل من بيت، فأجهز شوقي على هذا القيد الأخير، فإذا هو يتصرف في الحوار تصرفاً بارعاً، فيوزع البيت الواحد أحياناً بين عدة متكلمين من شخصيات القصة.
وهكذا نرى لشوقي فضلاً لا يجحد في إخضاع الشعر لفن التمثيل، فقد حرره من ثقل القيود فخالف في أنواعه، وخالف في أوزانه، وخالف في قوافيه، وذلل مطية الحوار، فقربه من طبيعة الواقع، وبذلك اتسع أمامه مجال القول وانطلق له عنان الفكر والخيال، وقد ساعدت شوقياً على مهمته هذه شاعريته المتدفقة، التي حجبت الكثير من نواحي ضعفه في هذا الفن، فقد ينقصه التوفيق الفني في بعض مشاهد تمثيلياته، ولكنه يعوض عن ذلك بوثبات شعرية رائعة تأخذ باب السامع والقارئ. . .
ومن خصائصه في تمثيلياته أن شعره يتلاءم مع مواقفه العاطفية فيلين موضع اللين، ويشتد موضع الشدة، ويغرق بالصور البدوية عندما يعالج الموضع البدوي - كمجنون ليلى - وبالصور المصرية القديمة عندما يعالج الموضوع المصري القديم - مثل كليوباترة - وفي جو هذه الألوان المتوافقة المنسجمة يكاد الناقد ينسى مواطن الضعف في النواحي التمثيلية من شعر شوقي.
9- مسرحيات شوقي:
بدأ شوقي ينشر مسرحياته منذ عام 1929 م فأخرج منها (كليوباترة، وعلي بك الكبير، ومجنون ليلى، وقمبيز، وأميرة الأندلس) . وقد بنى شوقي مسرحياته كلها على حوادث التاريخ، وأدخل في بعضها الأساطير، وجميعها من نوع المأساة الذي يقوم على الطابع الجدي المحزن.
وبعض مآسيه مستمد من التاريخ المصري (كليوباترة. . قمبيز. . علي بك الكبير) وبعضها من التاريخ العربي: مجنون ليلى. . أميرة الأندلس. . عنترة) .