خامسا- الاعتماد على الحواس فلقد عرفنا أن من القضايا ما يمكن إثباته بطريق الذهن وحده, وأن قسما آخر منها يفتقر في إثباته إلى الاعتماد على الحواس ومن هذا القسم العلوم المادية ولولا اعتمادها على الحواس ومن وراء الحواس العقل لما اتسعت هذه العلوم, ولما تمكن الإنسان من كشف شيء جديد والقرآن يطلب من أولي النهى أن يعملوا حواسهم وعقولهم في مظاهر الحياة وألا يهملوها وسيسألون يوم القيامة عن هذا الإهمال, قال تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ} [35] .ومما تقدم تعلم أنه لابد للباحث من أن يأخذ بهذه القواعد التي رسمها القرآن الكريم, وجعلها منهاجا للوصول إلى الحقائق بل لابد من إلتزامها حتى يكون في حرز عن الخطأ ومجافاة الصواب, وسواء أكانت هذه الحقائق دينية أم دنيوية, ومن هنا حكم علماء الإسلام على أن الإيمان المعتبر هو الإيمان القائم على الدليل والبرهان وأن إيمان المقلد غير صحيح إذا كان عنده قدرة على التفكير والاستدلال والنظر فيقبل إيمانه عن طريق التقليد لعجزه ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
طريقة الوصول إلى الأحكام الشرعية
وهكذا فإن الإيمان إذا لم يكن قائما على البرهان العقلي لا يكون صحيحا [36] مادام صاحبه قادرا على التفكير والنظر.