ثالثاً: قد تقول: إن كل شيء مرهون يوقته وقد كنت مشغولاً بمهام عملك وكان مقالك يحتاج إلى تنقيح وتصفية أو تبييض وتهيئة وقد فرغت من ذلك كله وقدمته وبعد وفاة الشيخ وأنا معك على هذا كله لأنه منطق مقبول وقد تتحكم الظروف خاصة مع مثلك لكثرة أشغاله وتعدد التزاماته ولم يكن هناك توقيت لوفاة الشيخ رحمه الله وحرصاً منك على الفائدة للقراء قدمت ملاحظاتك أو نشرت مقالك وذلك قطعاً بعد وفاة الشيخ وأنت قطعاً تعلم بها ويدفن في مكة وقد نشرت مجلة الجامعة محاضرة كاملة في نعيه وترجمته ونشرت قبل مقالك وهنا عتابي عليك هو أن مقالك كله وأنت الكاتب الأديب جاء خلواً نهائياً من أية عبارة تنم عن أسىً وأسف أو تعزية لموت الشيخ رحمه الله وقد أسف وتوجع من هو أقل صلة به منك علماً بأن موته لم يكن رزءاً في شخصه ولا على أبنائه فحسب بل كان على العلم والعلماء وقد علمت قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً من صدور الرجال ولكن بموت العلماء"، فكان من حقه عليك أن يتضمن مقالك ما يشعر القارئ بأحاسيسك نحوه وقد قال القاضي عياض عن بعض مشايخه: "ما لكم تأخذون العلم عنا وتذكروننا فلا تترحمون علينا", وقد نوهت في مقدمة المقال مدى استفادتك من تأليفه رحمه الله وقد يكون تداركاً منك لذلك في كلماتك التي أوردتها في ردك على الأخ أحمد الأحمد وترحمك عليه ثم أعقبتها بقولك أقول ذلك طائعاً مختاراً ولكنها جاءت بعد عتاب ولو سبقته لكانت كافية وافية وقد أذكرتني بذلك لوعة الأسى فيه وشدة الحرمان من بعده مما يدفعني نيابة عنك أن أجدد التعازي لكل طالب علم والمجلس الأغر في المسجد النبوي في الشهر المبارك (شهر رمضان) من كل عام والذي كان بحق روضة من رياض الجنة يسعد فيه الصوام بتفسير القرآن وترتع فيه ملائكة الرحمن وقد خلا فيه هذا العام فعظم علينا في المدينة فقده وحرمنا درسه فإنا لله وإنا إليه راجعون.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015