ومنها ما نظم من أمر الغنيمة والفيء النظام المعروف في الإسلام، بعد إن كانت الغنيمة في الجاهلية للغانم وحده أو بشركة سيد القبيلة.
ب- حرب إنسانية:
ولذلك يمكننا أن نصف الحروب الإسلامية بحق أنها حرب إنسانية إذ جعل الله رسالة المؤمن أن يكافح الأذى والسوء وأن يقضي على الطغيان في الأرض وفد قضت سنة الله أن الشر لا يدفعه إلا الخير، وأن الظلم لا يرفعه إلا الحق.
وهذه الصفة ظاهرة في حروب الإسلام فلم تكن إلا دفاع في المضطهدين عربا كانوا أو عجما، وليس في حروب المسلمين غير هذا المعنى مهما جهد المؤرخون في وضع النظريات لمنشأ الحروب وغاياتها، إنها حرب إنسانية بأوسع ما في هذه العبارة من معنى سواء كانت دفاعا عن النفس أو عن الآخرين.
فإذا كانت دفاعا عن النفس فللرد على ظلم غاشم ومن صفات المؤمنين الأصلية في كتاب الله الأنفة من قبول البغي {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ} [83] ويفرض الله عليهم إن يكونوا حماة المضطهدين والذائدين عن حقوقهم، إذ قال تعالى في استنهاضهم: {وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً} [84]
وقد جعلت لها صفتها الإنسانية آثارا بعيدة المدى باقية على الزمان إذ أعانت على انتشار الإسلام، فأقبل الناس عليه إقبال الغرقى على سفينة النجاة، ولم يلق المقاومة والكيد إلا في الموتورين الحاقدين على الدين والإنسانية كلها. أما الحروب المنبعثة من الجشع أو شهوة القهر والسلطان فإن آثارها تزول بزوال أصحابها.