وقد اتبعت الآلاف المؤلفة من جماهير المسلمين في العصور الأخيرة سنن اليهود في هذه الفكرة، وصرنا نسمع بالمسلم الشيوعي والبعثي والقومي والاشتراكي وغيرهم، وكلهم يقول بلسان القرآن: "نحن خير أمة أخرجت للناس"أو بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "من قال لا إله إلا الله دخل الجنة" وهم لا يعلمون شيئا عن حقائق الدين وأصوله إلا أماني، فقد استدبروا الثقافة الإسلامية المشرفة، واستقبلوا ثقافات الأمم الأخرى الملحدة الماجنة، فجهلوا الأمور المخرجة من الملة وإن صلى الواحد وصام وزعم أنه مسلم. {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً} (الكهف:103،104)
وقال تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ} (يوسف:106)
يتعرض القرآن الكريم إلى نقاش وجدال طويل هادئ مع اليهود، ويبين أخطاءهم الفكرية، ويفضح عنادهم ومكرهم ودخائل نفوسهم وتصديهم لمعارضة الدعوة، ويعتب عليهم أن لم يستجيبوا للدعوة مع أنها مصدقة لما معهم من التوراة، قال تعالى: {وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِه} (البقرة: من الآية41) لعلهم يرجعون ويهودون، وهو يسلك سبيل الترغيب والترهيب، ويذكرهم بنعم الله السابقة عليهم وبجرائم أجدادهم ومكرهم وعقاب الله لهم كما فعل بأهل السبت، إذ مسخهم قردة وخنازير.