نزح كثير من اليهود بعد أن خرب الرومان هيكلهم عام 70م إلى المدينة المنورة وخيبر، واختاروا الحجاز بالذات موطنا لعلمهم أن آخر رسل الله سيبعث منها كما نصت التوراة، فلعل الله يخرجه منهم ويتوب عليهم، واشتغلوا بالتجارة، وآثروا على عادتهم في سلوك طرق المكر والتحايل والربا الفاحش، وصار لهم قوة، وحالفوا الأوس والخزرج سكان المدينة المنورة.
ويبعث الله محمد القرشي صلى الله عليه وسلم من بني إسماعيل رسولا إلى البشرية، وهاديا لها ليخرجها من الظلمات إلى النور، وكان اليهود يبشرون به العرب قبل أن يولد ويستفتحون به عليهم، وتبدأ صفحة جديدة في حياة بني إسرائيل، ويأكل الحسد قلوبهم لخروج النبوة منهم.
ذكر ابن هشام في السيرة قال:
حدث عبد الله بن أبي بكر قال: "حدثت عن صفية بنت حيي أنها قالت: كنت أحب ولد أبي إليه وإلى عمي أبي ياسر، ولم ألقهما قط مع ولد لهما إلا أخذاني دونه. قالت: فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ونزل قباء في بني عمرو بن عوف، غدا عليه أبي حيي بن أخطب وعمي أبو ياسر بن أخطب مغلسين. قالت: فلم يرجعا حتى كان غروب الشمس. قالت: فأتيا كالَّين كسلانين ساقطين يمشيان الهوينى. قالت: فهششت إليهما كما كنت أصنع، فوالله ما التفت إلي واحد منهما مع ما بهما من الغم، وسمعت عمي أبا ياسر وهو يقول لأبي: أهو هو؟ قال: نعم والله. قال: تعرفه وتثبته؟ قال: نعم. قال: فما في نفسك؟ قال: عداوته والله ما بقيت".
وصفية المذكورة هي زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبوها حيي المذكور كان من كبار زعماء اليهود، وبقي يعادي رسول الله ويحرض ضد المسلمين حتى قتل صبرا يوم الأحزاب "الخندق".
إسلام عبد الله بن سلام: