قال العلامة بشير في صيانة الإنسان: "قوله "أي قول الدحلان"وروى البخاري عن أنس رضي الله تعالى عنه، أن فاطمة رضي الله تعالى عنها قالت لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبتاه" إلى قوله: ففي هذا الحديث أيضا نداؤه صلى الله عليه وسلم بعد وفاته…".

أجابه العلامة بشير رحمه الله تعالى بقوله: "هذا ليس من النداء في شيء، بل هو ندبة، يرشدك إلى هذا كون هذا الكلام صادرا وقت الوفاة، ووقوع لفظ النعي فيه، وزيادة الألف في آخره لمد الصوت المطلوب في الندبة، فالقول بكونه نداء أدل دليل على جهل قائله" [43] . قلت: هذا الحديث أخرجه البخاري، والإمام أحمد في المسند، والنسائي وابن ماجة، والدارمي في سننهم [44] , وتكلم عليه الحافظ في الفتح بقوله: " (يا أبتاه) كأنها قالت: يا أبي، والمثناة بدل من التحتانية، والألف للندبة، ولمد الصوت، والهاء للسكت" [45] . قلت: هكذا مبلغ علم دحلان في السنة النبوية وعلمه في اللغة العربية ومع ذلك فهو شيخ الإسلام وحجة الأنام، ومفتي الأنام. فلا حول ولا قوة إلا بالله العظيم، ولقد صدق المصطفى صلى الله عليه وسلم في حديثه الصحيح الذي أخرجه البخاري من الجامع الصحيح وكذا مسلم، والإمام أحمد في مسنده، والترمذي في الجامع وكذا ابن ماجة، والدارمي في سننه من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينزعه عن الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤساء جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا". هكذا كانت الأحوال في مكة المكرمة وغيرها من المدن الإسلامية بسيطرة هؤلاء الجهلة على مناصب هامة من الدولة، وعن طريقهم فشت البدعة، وظهرت الفتن والشرك، وخفي على الناس أمر دينهم الصحيح الذي أنزل الله تعالى به الكتب، وأرسل الرسل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015