ولأن تبديلها معناه نسخ النصوص المثبتة لها، ومن المسلّمات في الشريعة أنه لا نسخ بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، إذاً: مثل هذه الأحكام تبقى ما لم يوجد مانع يمنعها، نظرا لوجود مقتضيها. وأما الأحكام التي تتغير بتغير الزمان فهي تلك الحكام التي انبنت على العرف، واستمدت منه باعتباره دليلا من أدلة الأحكام، ومن الواضح أن العرف يتغير أحيانا بتغير الزمان أو المكان، وتبعا لتغيره تتغير الأحكام التي انبنت عليه، وكان الفقهاء يطلقون على ذلك أنه: اختلاف عصر وزمان لا اختلاف حجة وبرهان. إذ العرف لما كان أصلا لتلك الأحكام فإنها تتبعه في تغيره، لأن ما يطرأ على الأصل يطرأ على ما تفرع منه، وهذا ما يقتضيه دوران الفرع مع الأصل ونظرا لهذا فإن المجتهد يغير رأيه في المسألة الواحدة تبعا لتغير العرف الذي بني عليه حكمه فيها.
2- إن ما جعل مناطا للحكم في هذه المسألة لا يخلو من أحد أمرين: إما السرقة نفسها وإما فعل عمر رضي الله عنه، وكل منهما لا سبيل إلى جعله مناطا للحكم، أما السرقة وتعارف الناس عليها فإنها لا يمكن جعلها مناطا للحكم لأنها إن جعلت مناطا فلأجل أنها عرف، ولو اعتبرت عرفا فإنه عرف فاسد ومصادم للنص، ومن المتفق عليه (بين القائلين بحجية العرف) أنه يشترط لحجية العرف لبناء الحكم عليه أن لا يصادم النص ولا يلغيه، وأما فعل عمر رضي الله عنه فلأنه لا يمكن جعله مناطا للحكم كعرف يبنى عليه الحكم. لأنه ليس عرفا. إذ من شرط العرف أن يكون عاما لا فعل فرد.