ولقد صدق من شبه الشرك بالحدث الناقض للطهارة، إذ الطهارة رافعة للحدث معتد بها صاحبها حتى إذا وجد الحدث أفسدها وبطلت فكذلك الشرك _ والعياذ بالله _ لا يزال العبد في عافية وخير حتى يأتي فعل الشرك أو اعتقاده أو قوله فإذا حصل منه ذلك كفر وفسد كل عمله وخسر خسرانا لا مزيد عليه، والشرك رافق الحياة الإنسانية منذ بدايتها؛ لأنه من عمل الشيطان،والشيطان لم يبرح عاملا على إغواء الإنسان وإضلاله منذ أن قال لربه جل جلاله وعظم سلطانه {قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِين إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} ، غير أن الشرك تجلى بصورة واضحة كبيرة في الأمة التي بعث الله تعالى إليها عبده ورسوله نوحا عليه السلام حيث عرفت تلك الأمة الهالكة الشرك وأصرت عليه ودافعت عنه أو وقفت في وجه دعوة التوحيد تسعمائة سنة أو يزيد، وكان من أشهر شركائها مع الله ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر كما حكى القرآن الكريم عنهم ذلك في قوله: {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً} . وقد صح في الحديث أن هؤلاء الآلهة المذكورين كانوا رجالا صالحين فلما ماتوا بنوا على قبورهم وزاروهم وغلوا في زيارتهم حتى عبدوهم مع الله بالتقرب والتبرك مرة والاستشفاع بهم مرة أخرى.

كما هي الحال في كثير من بلاد المسلمين اليوم حيث عبدت الأضرحة والقباب والقبور، بالحلف بأصحابها والنذر لهم والذبح عند قبورهم وعلى أرواحهم والاستغاثة بهم والالتجاء إليهم وما إلى ذلك مما هو محض عبادة لا تنبغي إلا لله رب العالمين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015