فإن قيل: إذا كان الإكثار من الصلاة والسلام على النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس تأليها له، فما هو التأليه للرسول - صلى الله عليه وسلم - والعبادة له؟ قلنا: إن التأليه للرسول - صلى الله عليه وسلم - ولكثير ممن يسمون بالأولياء وغيره، واقع من كثير من الجهال، ومنتشر في أنحاء الأرض، يعلم ذلك من خبر واقع الناس، وعرف دين الله الذي بعث به رسله وأنزل به كتبه، وخلق الثقلين من أجله،وهذا التأليه - الذي وقع من كثير من الجهال - هو صرف بعض العبادة للنبي - صلى الله عليه وسلم - أو لغيره من المخلوقين، كدعائه والاستغاثة به وطلبه المدد والشفاء للمرضى، والنصر على الأعداء، ونحو ذلك من أنواع العبادة، والله سبحانه أوجب على عباده أن يخصوه بالعبادة، ونهاهم عن الشرك به، وبعث الرسل وأنزل الكتب لبيانها وبيان ما يضادها، كما قال - عز وجل - {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} ، وقال- سبحانه-: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ أَنْ لا تَعْبُدُوا إَِّلا اللَّهَ} الآية.. وقال - عز وجل -: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} ، وقال سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} ، والآيات في هذا المعنى كثيرة، فالله سبحانه، هو الذي يشفي المرضى، وينصر على الأعداء، ويكشف الكروب، يجيب المضطر، وينزل المدد على عباده، - إذا لجؤوا إليه واستغاثوا به - كما قال سبحانه: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} ، وقال سبحانه: {إِنْ تَنْصُرُوا