ففي هذه الآيات الكريمات أمر الله المسلمين جميعا بتقواه سبحانه والقيام بالإصلاح بينهم عموما وبالإصلاح بين الطائفتين المقتتلتين منهم خصوصا وقتال الطائفة الباغية حتى ترجع عن بغيها وأن يكون الصلح على أسس سليمة قائمة على العدل والإنصاف لا على الميل والجور، وفيها التصريح بأن المؤمنين جميعا إخوة وإن اختلفت ألوانهم ولغاتهم وتناءت ديارهم فالإسلام يجمعهم ويوحّد بينهم ويوجب عليهم العدل فيما بينهم والتصافي والكف من عدوان بعضهم على بعض ويوجب على إخوانهم الإصلاح بينهم إذا تنازعوا 0ثم ختم الله هذه الآية بالأمر بالتقوى وعلّق الرحمة على ذلك فقال: {وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} فدلّ ذلك على أن تقوى الله في كل الأمور هي سبب الرحمة والعصمة والنجاة وصلاح الأحوال الظاهرة والباطنة ويدخل في التضامن أيضا تبادل التمثيل السياسي أو ما يقوم مقامه بين الحكومات الإسلامية لقصد التعاون على الخير وحلّ المشاكل التي قد تعرض بينهم بالطرق الشرعية واختيار الرجال الأكفاء في عملهم ودينهم وأمانتهم لهذه المهمة العظيمة، ويدخل في التضامن أيضا توجيه وسائل الإعلام إلى ما فيه مصلحة الجميع وسعادة الجميع في أمر الدين والدنيا وتطهيرها مما يضاد ذلك، ومما ورد في هذا الأصل الأصيل وهو التضامن الإسلامي والتعاون على البر والتقوى قوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} أمر الله سبحانه في هذه الآية الكريمة عباده المؤمنين بأن يتقوه حق تقاته ويستمروا على ذلك ويستقيموا عليه حتى يأتيهم الموت وهم على ذلك، وما ذاك إلا لما في تقوى الله عز وجل من صلاح الظاهر والباطن وجمع الكلمة وتوحيد الصف وإعداد العبد لأن يكون صالحا مصلحا وهاديا مهديا باذلا النفع لإخوانه كافا للأذى عنهم معينا لهم على خير ولهذا أمر الله المؤمنين بعد ذلك بالاعتصام بحبله فقال: