وأما اعتراضه على تعدد الزوجات وحجره على الشعب التونسي أن يجمع بين زوجتين فأكثر، وزعمه أنه فعل ذلك بالاجتهاد في مفهوم قوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم} الآية.. فجوابه أن يقال: هذا من الغلط الكبير، والجهل العظيم، لأنه ليس لأحد من الناس أن يفسر كتاب الله بما يخالف ما فسره به رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - أو فسره به أصحابه - رضي الله عنهم - أو أجمع عليه المسلمون، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو أعلم الناس بتفسير كتاب الله وأنصحهم لله ولعباده، وقد أباح الجمع لنفسه ولأمته، وأمر بالعدل بين النساء وحذّر من الميل، وهكذا أصحابه - رضي الله عنهم - هم أعلم الناس بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بتفسير كتاب الله - عز وجل - كما أنهم أعلم الناس بسنته، وهم أنصح الناس للناس، بعد الأنبياء، ولم يقل أحد منهم بتحريم الجمع، فكيف يجوز - بعد ذلك - لحاكم أو عالم أن يقدم على خلافهم، وأن يقول على الله خلاف ما علموه، من شرع الله وأجمع عليه العلماء بعدهم، هذا من أبطل الباطل، ومن أقبح الكفر والضلال، ومن أعظم الجرأة على كتاب الله وعلى شريعته بغير حق، ثم إن من تأمل ما شرعه الله- سبحانه- من إباحة التعدد علم أن في ذلك مصالح كثيرة، للرجال والنساء وللمجتمع نفسه - كما سيأتي بيان ذلك إن شاء الله - وعلم - أيضا - أن ذلك من محاسن الشريعة الإسلامية التي بعث الله بها رسوله محمدا - صلى الله عليه وسلم - إلى الناس كافة وجعلها مشتملة على ما فيه صلاحهم وسعادتهم، في المعاش والمعاد، واتضح له، من ذلك، - أيضا - أن إباحة التعدد من كمال إحسان الله لعباده ولطفه بهم، وله فيه الحكمة البالغة، لمن تدبر هذا المقام وعقل عن الله شرعه وأحكامه، وما ذاك إلا لأن المرأة عرضة لأشياء كثيرة، منها