سبحانه، ولي التوفيق والهادي إلى سواء السبيل.
تنبه عام:
قد علم بالأدلة الكثيرة - من الكتاب والسنة وبإجماع العلماء - أن الله- سبحانه- حكيم عليم في كل ما شرعه لعباده، كما أنه حكيم عليم في كل ما قضاه وقدّره عليهم، ولذلك أكثر - سبحانه - في كتابه العزيز من ذكر حكمته وعلمه ليعلم العقلاء من عباده أنه- سبحانه- عليم حكيم في كل ما قدّر وشرع، فتطمئن قلوبهم للإيمان بذلك وتنشرح صدورهم للعمل بشريعته وحكمه، ولهذا لما ذكر -سبحانه –ميراث الأولاد والأبوين،وتفضيل الذكر على الأنثى- ختم ذلك بقوله سبحانه {آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً} فأوضح- سبحانه- في هذه الآية، أنه العالم بأحوال عباده، أما العباد فلا يدرون أي أقاربهم أقرب نفعاً لهم، وبيّن سبحانه أن تفصيل هذه المواريث صدر عن علم وحكمة، لا عن جهل وعبث، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، ثم ختم ما ذكره، من ميراث الزوجين وتفضيل الزوج على الزوجة وما ذكره من ميراث الأخوة من الأم والمساواة بينهم، بقوله سبحانه: {وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ} ، كما ختم تفضيله الذكر على الأنثى، في ميراث الأخوة للأبوين أو لأب بالعلم، فقال: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} فبيّن بذلك أنه فصّل هذه المواريث عن علم بأحوال عباده وما هو لائق بهم وأنه حليم لا يعاجل من عصى بالعقوبة لعله يندم ويتوب، ثم أخبر - عز وجل - بعدما ذكر أحكام المواريث، أن ذلك من حدوده، وتوعد من تعداها فقال سبحانه: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ