قالوا: نقول: هو شاعر, قال: هم العرب، وقد رووا الشعر، وفيهم الشعراء. وقوله ليس يشبه الشعر فيكذبونكم. قالوا: نقول: هو كاهن. قال: إنهم لقول الكهان فإذا سمعوا قوله لم يجدوه يشبه الكهنة فيكذبونكم [2] .

ومن ذلك ما روي عن عتبة بن ربيعة حين سمع النبي صلى الله عليه وسلم يتلو سورة (فصلت) ، وأنصت لها، وألقى يديه خلف ظهره معتمداً عليهما، فلما رجع إلى قريش، وسألوه ما وراءك؟ قال: ورائي أني سمعت قولاً، والله ما سمعت بمثله قط، وما هو بالشعر، ولا السحر، ولا الكهانة [3] .

ويؤيد هذين ما جاء في إسلام (أبي ذر) _ رضي الله عنه _: روي أنه قال: "قال لي أخي أنيس: إن لي حاجة إلى (مكة) ، فانطلق، فراث، فقلت: ما حبسك؟ قال: لقيت رجلا يقول: إن الله تعالى أرسله. فقلت: فما يقول الناس؟ قال: يقولون: شاعر، ساحر، كاهن، قال أبو ذر: وكان أنيس أحد الشعراء. قال: تالله، لقد وضعت قوله على أقراء الشعر [4] ، فلم يلتئم على لسان أحد، ولقد سمعت قول الكهنة فما هو بقولهم، والله إنه لصادق، وإنهم لكاذبون.

فهذه شهادات ذوات بال من هؤلاء الفصحاء تؤكد أن القرآن الكريم لون مختلف عن ألوان القول التي كان العرب يعرفونها.

هو شاعر، هو كاهن. هاتان التهمتان هما أول ما بدأ العرب يتهمون بهما الرسول _ صلى الله عليه وسلم _، وقد أبطل القرآن الكريم هاتين التهمتين بصورة قاطعة: {فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ وَمَا لا تُبْصِرُونَ. إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ. وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ. وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [5] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015