مع أنه سبحانه قد فرض على من قبلهم لذنب ارتكبوه. في قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ} أي ففعلوا وقتلوا أنفسهم طاعة لله.. وأمر إبراهيم عليه السلام بذبح ولده إسماعيل عليه السلام: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ} ..
فلو كان عندهم استعداد لتنفيذ هذا الحكم لو صدر عليهم لكان خيراً لهم وأشد تثبيتاً في إيمانهم كما قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً} . {وَإِذاً لآَتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً} .
ثم تأتي الخاتمة بمثابة مقارنة بين من يطيع الرسول ومن تولى عنه فبعد أن عالج موقف المعرضين عن كتاب الله وعن طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مبيناً من يطيع بقوله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيماً} أي بحقائق النفوس وخفايا الصدور ودوافع الإعراض ودعاوي الإحسان، وهو يعلم المفسد من المصلح.
وقد كشف القرآن في موقف آخر نفسياتهم على حقيقتها بأن دوافع الإعراض هي الأنانية والمادية القاتلة لا دعوى الإحسان والتوفيق كما زعموا..