بِاللَّهِ} .
وهذا السياق كله في قضية الحكم وبيان موقف المنافقين من التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله. وبجانب ذلك منهج مزدوج يبين موقف الحكام من المحكومين وموقف المحكومين من الحكام. فأمر الجميع أولاً بأمر عام وهو أداء الأمانة إلى أهلها وأخصها أمانة الحكم عند الحكام وأمانة الحقوق عند المحكومين ثم خص كل منهما بما يلزمه وكلف به فخص الحكام بقوله: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} . وليس هذا قاصراً على الحكام في مجلس القضاء بل هو عام في كل حكم بين اثنين من شؤون المسلمين كما يشمل حكمي الزوجية وغيرهما.
ثم خص المحكومين بالأمر: بالسمع والطاعة لأولي الأمر وهم العلماء والأمراء وبالتالي الحكام.
وبالنظر في تكليف الأمة بالسمع والطاعة نجد أصلاً أصيلاً في حدود تلك الطاعة المأمور بها فيقول تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُول} بتكرار لفظ الطاعة. أما أولوا الأمر فتأتي طاعتهم معطوفة على طاعة من قبلهم.
وبحكم تبعية المعطوف للمعطوف عليه تكون طاعة أولي الأمر تابعة لطاعة الله ورسوله. أي أنه لأولي الأمر حق الطاعة ما داموا طائعين لله ورسوله أو ما دامت طاعتهم موافقة لطاعة الله ورسوله. فإذا كانت مخالفة لطاعة الله ورسوله فلا طاعة لهم فيما يأمرون به لمخالفته لأوامر الله ورسوله.
وعليه الحديث "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ". وهذا خاص فيما يأمر به وينهى عنه لا فيما يأتي هو ويذر. وعليه الحديث "عليكم بالسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد حبشي "."والسمع والطاعة ما لم تروا كفراً بواحاً ". إلى غير ذلك من النصوص التي تضع حداً للسمع والطاعة وتفرق بين الحكم والحاكم.