فقد اكتملت في هذا العرض أسمى عناصر القضاء والحكم المثالي مما ينادي به العالم اليوم لإصلاح القضاء من وحدة، واستقلال، وحرية، كما اكتمل للحاكم في منهج الإسلام عوامل الحكم السليم من العلم المعرفة والنزاهة.
وعلى هذا الاكتمال عقدت مقارنة بين منهجين في الحكم مختلفين:
أـ حكم الجاهلية.
ب ـ وحكم الله تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} .
أما المنهج الأول: فيكفي لبطلانه ورده إسناده للجاهلية، وهو وصف يتنافى مع أبسط قواعد العدالة وزاده نكارة أنه عرض في صورة إنكاره أفحكم الجاهلية يبغون.
وأما المنهج الثاني: فيكفي للحرص على قبوله ووجوب العمل به أنه من عند الله ومن أحسن من الله حكماً لقوم يؤمنون والتذييل بقوم يؤمنون هنا تتبين للأذهان وإيقاظاً للضمائر واليقين في النفس لعظمة هذا الأمر، تحذير الأمة مما حذر منه الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقد حذر المؤمنين من أعدائهم كما حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من قبل فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} .
فهذا نداء تحذير لجميع المؤمنين أن يتخذوا اليهود والنصارى أولياء، وهذه الولاية المنهي عنها وإن كانت عامة فهي تتناول الولاية في الحكم الذي هو موضع السياق وهو عين التحذير الوارد في أول السياق الموجه للرسول صلى الله عليه وسلم. وأحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك.